80% من الجامعيين يعتمدون على الذكاء الاصطناعي.. و”التعليم“ تتدخل بالأخلاقيات
كشفت دراسات أكاديمية حديثة أن أكثر من 80% من طلاب الجامعات السعودية يعتمدون بشكل مباشر على تقنيات الذكاء الاصطناعي في حل واجباتهم، ما دفع وزارة التعليم إلى التدخل العاجل لتحصين الميدان التربوي، عبر دمج أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في صلب المناهج الدراسية؛ لضمان بيئة تعليمية مرنة تحمي النزاهة العلمية وتراعي الفروق الفردية.
تطبيق مقرر الذكاء الاصطناعي بالتعليم
وجاء هذا التحرك الرسمي استجابة لواقع جديد فرضته التقنية، حيث أكدت المتحدث الرسمي لوزارة التعليم، منى العجمي لـ ”اليوم“، أن المركز الوطني للمناهج بدأ منذ عامين بتطبيق مقرر الذكاء الاصطناعي في المرحلة الثانوية لمسار علوم الحاسب والهندسة، فيما خلال العام الدراسي الجاري إدراج مقرر ”مدخل إلى الذكاء الاصطناعي“ ضمن المسار العام لطلبة الصف الثالث الثانوي كخيار اختياري.
وأضافت أن مفاهيم الذكاء الاصطناعي أُدمجت في مقررات المهارات والتقنية الرقمية، إما كوحدة مستقلة، أو كدروس منفصلة، أو من خلال إدراجها ضمن سياق الدروس، إلى جانب إدراجها في الأنشطة الطلابية لجميع المراحل التعليمية، لتدريب الطلبة عمليًا على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
تطوير مهارات البحث والابتكار
وشددت على أن الخطط التعليمية لم تكتفِ بإدخال الذكاء الاصطناعي كمحتوى، بل ركزت على تطوير مهارات التفكير الناقد والبحث والابتكار، وتحفيز الطلاب على استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لحل المشكلات، وذلك بالتوازي مع تعزيز مفاهيم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، التي عملت على مراجعة وتحديث المبادئ الأخلاقية المتعلقة بهذا المجال.
ولتمكين المعلمين من تقديم هذه المقررات بكفاءة، أشارت إلى إعداد حقائب تدريبية متخصصة، وتنفيذ برامج تطوير مهني بالشراكة مع المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي، إضافةً إلى توفير أدوات مساندة عبر منصة ”مدرستي“؛ لدعم تطبيق هذه المفاهيم في الفصول الدراسية.
وأكدت أن وزارة التعليم تعمل على توفير بيئة تعليمية مرنة تراعي الفروق الفردية بين الطلاب، وتدعم استعدادهم لسوق العمل المستقبلي، بما يعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي للتقنية والابتكار، في ظل رؤية طموحة يقودها الذكاء الاصطناعي من قلب الفصول السعودية.
مخاطر الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي
من جهته، دق المتخصص في اقتصاديات التعليم الدكتور عبدالعزيز الغامدي، ناقوس الخطر، مستندًا إلى أرقام بحثية كشفت أن الغالبية العظمى من الطلاب باتوا يرون في الذكاء الاصطناعي الملاذ الأول لإنجاز التكليفات الدراسية.
وأوضح أن المؤسسات التعليمية تعيش تحولًا جذريًا بفعل هذه التقنيات، وكشفت نتائج دراسات حديثة في الجامعات السعودية أن أكثر من 80% من الطلاب لمسوا تأثيرًا مباشرًا للذكاء الاصطناعي في حل الواجبات الدراسية، وأن نسبة معتبرة منهم اعتبرت التجربة إيجابية رغم التحذيرات من تراجع مهارات البحث والتحليل.
نتائج الدراسات المختلفة
ولفت إلى دراسة حديثة للباحثة لشروق حاسن «2025»، كشفت أن الطلاب والطالبات في كليات الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل متباين، حيث أظهرت النتائج أن الطالبات أكثر إيجابية في تقييم هذه الأدوات مقارنة بالطلاب، بينما أكدت أن الإفراط في استخدامها يضعف بالضرورة قدرات البحث والتحليل.
وأكمل: “أضافت أبحاث أخرى، مثل دراسة لـ وفاء المالكي «2023» وراضي الشمري «2024»، أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تطوير البحث العلمي ودعم دور المعلم وتحفيز الابتكار، مع التأكيد على ضرورة نشر ثقافة الاستخدام الأخلاقي وتدريب المعلمين على أنشطة مقاومة للغش”.
وتابع أن هناك دراسات لـ رنا الغامدي وصفية عبدالله في «2023»، بينت أن لهذه التقنيات أثرًا إيجابيًا واسعًا في تمكين الطالب والمعلم والمنظومة التعليمية بأسرها، فهي ليست مجرد أداة للتعليم، بل حافز للإبداع وتحسين جودة المخرجات، شريطة أن يُصاحبها وعي ورقابة أكاديمية صارمة.
ثورة الذكاء الاصطناعي في التعليم
بدورها، حذرت الباحثة في تقنيات التعليم “سميرة الثقفي” من التبعات السلبية لهذا ”الاجتياح التقني“، مشيرة إلى أن سهولة الوصول للمعلومة عبر الذكاء الاصطناعي فتحت بابًا واسعًا لتحديات النزاهة الأكاديمية، وزادت من احتمالات الغش والسرقة العلمية، مما يضعف التفكير النقدي لدى الطلاب.
وقالت: إن العقد الأخير مثّل منعطفًا فارقًا في تاريخ التعليم، حيث قادت ثورة الذكاء الاصطناعي إلى إعادة تشكيل ممارسات الطلاب والمعلمين على حد سواء، مضيفةً أن هذه التقنيات وفّرت للطلاب وسائل مبتكرة لمراجعة الدروس وأداء الواجبات والاختبارات، لكنها في الوقت ذاته فتحت بابًا لمخاوف تتعلق بالاستغناء عن المراجعة الذاتية وتراجع مهارات التفكير النقدي.
وأبرزت “الثقفي” الإيجابيات التي لمسها الباحثون، من بينها إتاحة مسارات تعلم فردية تراعي احتياجات كل طالب، فضلًا عن تقديم ملاحظات فورية تسهّل على المتعلمين تصحيح أخطائهم، إضافة إلى إثراء مصادر المعرفة عبر منصات تفاعلية غنية بالمحتوى. غير أن هذه الإيجابيات لا تلغي سلبيات الاستخدام المفرط، مثل ضعف التحليل النقدي، تراجع قيمة الدراسة الذاتية، واتساع الفجوة الرقمية بين الطلاب.
ولفتت إلى إشكالات النزاهة الأكاديمية التي ظهرت مع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، وما صاحبها من حالات غش وسرقة علمية، واقترحت عدة حلول لمختلف الإشكاليات، من بينها دمج الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة مساعدة لا بديلًا للجهد الذاتي، وتطوير أدوات تقويم أكثر تنوعًا كالاعتماد على المشاريع والعروض الصفية، إضافة إلى تعزيز التثقيف الرقمي وتأهيل المعلمين لتوظيف هذه الأدوات في تنمية التفكير النقدي لدى الطلاب.
وظائف مستقبلية جديدة
وفي قراءة لمستقبل التعليم، أكد الباحث التربوي الدكتور “راضي الزويد” أن الذكاء الاصطناعي سيعيد هندسة الفصول الدراسية ليخلق وظائف مستقبلية مثل ”المعلم الرقمي“، موفراً تعليماً شخصياً يتكيف مع احتياجات كل طالب، شريطة أن تظل ”القيم“ هي الحاكم الأول لهذه المنظومة.
وأكمل أن العالم يشهد ثورة يقودها الذكاء الاصطناعي لم تقتصر على المجالات الصناعية والاقتصادية، بل وصلت إلى التعليم لتغير ملامحه جذريًا.
وعرّف “الزويد” الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الأنظمة الحاسوبية على محاكاة عمليات التفكير البشري، موضحًا أن دمجه في التعليم يسمح بتحليل أداء الطلاب، تقديم تعليم شخصي، وتطوير محتوى يتكيف مع احتياجاتهم.
وعدد “الزويد” أبرز مجالات هذا الدمج، من التعلم الشخصي إلى المعلم الافتراضي والاختبارات التكيفية وتحليل البيانات التعليمية، وصولًا إلى إدارة الفصول الذكية.
وتابع أن مزايا هذه التطبيقات تتجلى في تحسين كفاءة العملية التعليمية وتقليل الفجوة بين الطلاب، فضلًا عن توفير وقت المعلم وتعزيز التعلم التفاعلي، وحتى دعم ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولفت إلى تحديات لا تقل أهمية، مثل التكلفة العالية، ضعف البنية التحتية في بعض البيئات التعليمية، والمخاوف المتعلقة بالخصوصية والبيانات، إضافة إلى مقاومة التغيير لدى بعض المعلمين.
وتوقع الزويد أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من المدارس والجامعات خلال الأعوام المقبلة، بما يتيح للطلاب فرص تعلم أكثر مرونة، ويخلق وظائف جديدة مثل ”المعلم الرقمي“، و”المصمم التعليمي الذكي“.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في الموازنة بين الإفادة من هذه الأدوات والحفاظ على جوهر التعليم القائم على التفكير النقدي، النزاهة الأكاديمية، وتنمية مهارات البحث الذاتي.
جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
