مختص لـ «اليوم»: «المرونة الرقمية» لم تعد ترفًا.. وخلل تقني كشف هشاشة العالم

وصف عضو الاتحاد السعودي للأمن السيبراني، المهندس محمد قطب، الانقطاع المفاجئ الذي ضرب خدمات شركة ”Cloudflare“ العالمية خلال الساعات الماضية بأنه ”مثال صارخ“ كشف للعالم هشاشة البنية التحتية الرقمية.

وأضاف: حيث تسبب خلل تقني واحد في شلل واسع النطاق أصاب ملايين المستخدمين وتطبيقات حيوية حول العالم لمدة أربع ساعات متواصلة.

مخاطر عالية

أشار قطب إلى أن الحادثة التي بدأت صباح الثلاثاء أظهرت المخاطر العالية لاعتماد المؤسسات الكبرى على مزود واحد للبنية التحتية، حيث واجهت المواقع التي تعتمد كلياً على خدمات الشركة في مجالات تسريع المحتوى ”CDN“ وحماية الطبقات ”DNS“ توقفاً تاماً أو بطئاً شديداً في التحميل، مما خلق حالة من الإرباك التشغيلي الفوري.

أكدت التحقيقات الفنية التي استند إليها التقرير أن الانهيار لم يكن نتاج هجوم سيبراني أو نشاط خبيث خارجي، بل نجم عن خطأ في ”ملف إعداد واحد“ تسبب في تعطل نظام معالجة حركة المرور.

مما أدى إلى سلسلة من الأعطال المتتابعة داخل المنظومة الموزعة المعقدة، وهو ما يثبت كيف يمكن لخطأ داخلي صغير أن يحدث تأثيراً عالمياً مدمراً.

خطورة المركزية التقنية

وصنف المهندس قطب المخاطر الناجمة عن الحادث بأنها ”منخفضة سيبرانياً“ لغياب الاختراقات، لكنها ”عالية جداً تشغيلياً“، موضحاً أن الدرس القاسي المستفاد هنا يكمن في خطورة المركزية التقنية، حيث تصبح الشركات رهينة لأي عطل يضرب المزود الرئيسي، حتى وإن كان العطل بعيداً عن دوائر التهديد الأمني.

أشاد التقرير بسرعة استجابة الشركة المشغلة التي نجحت في استعادة الخدمات جزئياً عند الساعة 9:30 صباحاً، قبل أن تعلن العودة الكاملة ظهراً، معتمدة مبدأ الشفافية المطلقة في نفي الهجمات وتوضيح الأسباب، مما ساهم في التخفيف من حدة الشائعات وحافظ على مستوى متوسط من مخاطر السمعة.

شدد عضو الاتحاد السعودي للأمن السيبراني في ختام تحليله على ضرورة أن تعيد المؤسسات صياغة استراتيجياتها الرقمية فوراً عبر تبني حلول تعدد المزودين ”Multi-CDN“، وبناء خطط طوارئ لاستمرارية الأعمال لا ترتهن لطرف واحد، مع تفعيل أنظمة مراقبة مبكرة لاكتشاف انخفاض الأداء قبل تفاقم الأزمة.