منى الغامدي… صوت المرأة السعودية ورحلة الحرف الطموح نحو القمم
حاورها: محمد منيع أبوزيد
س: بدايةً… منى الإنسانة قبل أن تكون الكاتبة والإعلامية، كيف تصفين نفسك؟
«أنا منى يوسف حمدان الغامدي ابنة المدينة المنورة التي أكرمني الله بأن أكون من أهلها المجاورين لسيد المرسلين منذ ما يقارب مئتي عام، وأسأل الله أن يكتبني عنده ممن حسن جوارهم لنبيه الكريم. أفتخر بهويتي السعودية وانتمائي لوطن عظيم في ظل قيادة رشيدة، وأسعى لأن يكون لي بصمة وأثر خالد للمرأة السعودية التي تعي جيداً دعم قيادتها ومكانتها على المستوى الأسري والوطني حتى أصبح لي اسمًا يشار له بالبنان اليوم، ولله الحمد».
س: ما الذي دفعك لدخول عالم الكتابة الصحفية والاستمرار فيه لما يزيد عن 20 عامًا؟
«حب وشغف وتعلق بالكلمة والحرف منذ طفولتي المبكرة. تأثرت بمجلس جدي الشيخ حمدان – رحمه الله – الذي كان يجتمع فيه الأمراء والوزراء والوجهاء والأعيان والأدباء والشعراء، وكنت أستمع لأحاديثهم وأنا طفلة من خلف الأبواب. كانت تستهويني أحاديث الرجال وصفوة المجتمع المدني. لم يكن البيت الذي تربيت فيه عادياً، بل مختلفاً، وكنت الطفلة التي حظيت بصحبة جدها صاحب الهيبة والمكانة الرفيعة في المجتمع المدني، بينما النساء لم يحظين بنفس تلك المكانة. كانت أفكاري تذهب بي بعيداً لأتخيل لنفسي مكانة عليا واسماً مميزاً، وعملت على تحقيق هذا الخيال ليكون واقعاً مشهوداً».
س: هل هناك حدث أو شخصية أثرت في قرارك لتكوني كاتبة رأي تحديدًا؟
«تلك المجالس التي عشتها منذ طفولتي أثرت بي كثيراً، إضافة إلى وعيي المبكر بأن للكلمة قوة وسلطة قادرة على صنع التغيير. هذا الإلهام جعلني أختار مجال الرأي لأنه مساحة حرة للتعبير والفكر المسؤول».
س: ما أبرز التحديات التي واجهتك كإعلامية تربوية عند طرح قضايا حساسة أو مثيرة للجدل؟
«أحد المواقف التي لا أنساها كانت عند مواجهة أحد القيادات التعليمية بشأن تنظيم ملتقى TEDx لطالبات الكلية الجامعية خارج الدوام الرسمي. اعترض في البداية على الكتابة عنه، لكني واجهته بقوة وثقة لأن ما قمت به كان دعماً للطالبات وتحت مظلة رسمية وبموافقة من سعادة محافظ ينبع. كان ذلك موقفاً عزز لدي الثقة بأن صاحب الحق لا يخاف، وأن الالتزام بالأنظمة يحمي المخلصين في أعمالهم».
س: حدثينا عن تجربتك الأخيرة كمستشارة إعلامية بوكالة الشؤون النسائية في المسجد النبوي.
«هذا التكليف يعد بمثابة حصاد تجربة طويلة في عالم الكلمة والحرف، وهو مسؤولية عظيمة أرجو أن أكون عند حسن ظن معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس – رئيس الشؤون الدينية – الذي أولاني هذه الثقة. سأعمل بكل ما أتيت من وقت وجهد وخبرة لخدمة المسجد النبوي وإظهار الصورة الحقيقية للمرأة السعودية التي تدرك دورها الحقيقي في تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة لخدمة الحرمين الشريفين. وسأظل ممتنة لرب العالمين أن كتب لي هذا الشرف العظيم».
س: كيف يمكن للإعلام أن يسهم في تحسين تجربة الزائرات والزوّار للحرم النبوي الشريف؟
«الإعلام له قوته، وهو من ينقل الصورة المشرقة لكل الجهود المبذولة من قبل النساء والرجال على حد سواء في الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين. هناك خطط تشغيلية معتمدة من القيادات العليا ومتابعة حثيثة من قبل معالي رئيس الشؤون الدينية، الذي يؤمن بأهمية تفعيل دور المرأة السعودية في خدمة الحرمين وإثراء تجربة الزائرات وقاصدات المسجد النبوي».
س: كيف ترين التغييرات الاجتماعية التي تمر بها المرأة السعودية اليوم، وخاصة في المجالات الإعلامية والفكرية؟
«التحديات كبيرة، ومن الضروري وضع معايير مهنية إلزامية لكل من يعمل في المجال الإعلامي ومحاسبة كل من يتجاوز الضوابط. وهذا ما نشهده اليوم حقيقة من قبل وزارة الإعلام، التي تعمل على وضع منهجية عمل احترافية في ظل رؤية 2030».
س: ما النصائح التي تقدمينها للفتيات اللواتي يطمحن إلى العمل في مجال الإعلام والتأليف؟
«لابد من التسلح بأدوات الفكر والثقافة الواسعة والوعي بمتطلبات المرحلة، ومتابعة الأحداث المتسارعة. الأهم الالتزام بالمهنية العالية بعيداً عن السطحية والاستعجال في الوصول لمواقع الشهرة عبر طرق ملتوية وغير مهنية. النجاح لا يأتي من فراغ ولا من عقل فارغ، ومن أجل صناعة محتوى مؤثر لابد من اتخاذ الطرق السليمة والحقيقية بعيداً عن إثارة شبهات أو إشاعات فقط لتحقيق الترند».
س: كيف توفقين بين كونك كاتبة رأي ذات طابع وطني ومهني، وبين كونك إنسانة لها حياتها الخاصة وطموحاتها الفردية؟
«البركة في الوقت تأتي من تنظيم الأولويات في حياتنا واتباع نمط حياة متوازن. أنا خبيرة تربوية متخصصة في مجال التخطيط والتدريب على عجلة الحياة، ولابد أن أطبق ما أعلّمه وأقدمه للآخرين في حياتي الشخصية حتى يكون لدي مصداقية وقبول ولأتمكن من التأثير في حياتي وحياة من يحيطون بي. أحرص على أن يكون لكل جانب من جوانب حياتي حقه: عملي الإعلامي، دوري الأسري، وحتى طموحاتي الشخصية التي أسعى لتحقيقها بخطوات مدروسة دون أن تطغى إحداها على الأخرى. هذا التوازن بالنسبة لي ليس خياراً، بل هو أساس النجاح والاستمرارية».
س: حدث مهم في طفولتك ترك بصمة في مسيرتك العملية؟
«أثناء دراستي في المرحلة الابتدائية، كنت طفلة خجولة لا تهتم كثيراً بألعاب الأطفال ولا بمخالطة الآخرين. كان لوالدي – رحمه الله – موقف لا يُنسى حين أخذني إلى التلفزيون للمشاركة في تجربة أغاني الأطفال وفوازير رمضان في تلفزيون المدينة، بصحبة المخرج القدير حمزة قنديل ومن بعده عز الدين كاتب والملحن النشار ومدني شاكر الشريف. هذا الحدث شكّل نقطة تحول مهمة في حياتي وعزز ثقتي بنفسي. كما علمني والدي أن صاحب الحق لا يخشى شيئاً، فعندما رفضت مديرة المدرسة مشاركتي، أوقفها والدي بحزم ووعي كبيرين، مؤكداً أن دور المدرسة لا يطغى على دور الأسرة، بل يتكاملان من أجل مصلحة الإنسان».
س: كيف انعكس هذا الموقف على شخصيتك اليوم؟
«هذا الموقف علمني منذ طفولتي أهمية الثقة بالنفس والتمسك بالحقوق، وهي مبادئ لازمتني في مسيرتي المهنية والشخصية. شعرت حينها أن لدي صوتاً يجب أن يُسمع، وهذه كانت البداية الحقيقية لشخصيتي الجريئة والواثقة في الإعلام والعمل المجتمعي».
س: أنتِ صاحبة عدة كتب مهمة، من بينها كتاب (محمد بن سلمان وصناعة المستقبل)… ما الذي أردتِ توثيقه من خلاله؟
«منذ تولي سيدي ولي العهد موقعه القيادي ونيله ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – حفظه الله – أصبح الأمير محمد بن سلمان العرّاب لرؤية 2030 والشخصية القيادية الملهمة لكل أبناء وبنات الوطن بل ومحط أنظار العالم أجمع. وجدت قلمي ينطلق لرصد كل مؤتمر، وكل لقاء، وكل كلمة يتفوه بها هذا القائد الملهم، وبدأت في كتابة ونشر مقالاتي في الصحف الرسمية بفخر واعتزاز عن المنجزات الوطنية. ثم فكرت في جمعها بين دفتي كتاب ليكون للتاريخ: أول امرأة سعودية تصدر كتاباً يحمل اسم ولي العهد ويتشرف بتوثيق منجزات وطنها. هذا الكتاب بالنسبة لي ليس مجرد إصدار، بل مسؤولية ورسالة وطنية باقية ما دمت أكتب».
س: أخيرًا، إذا أردنا أن نلخص طموح منى يوسف حمدان الغامدي في جملة واحدة، ماذا تقولين؟
«الطموح لا حدود له، والتطلعات للمستقبل كبيرة. ما زال لدي الحلم الكبير لأكون صوت المرأة السعودية التي تتحدث بكل فخر عن منجزات وطنها في ظل رؤية طموحة حققت لنا فوق ما نتخيل من منجزات فاقت كل التوقعات التي يرصدها العالم.
أحلم بمنصب قيادي كبير أخدم به وطني وأكمل فيه مسيرتي بل أتوجها بهذا الإنجاز الكبير بعد رحلة طويلة جدًا من العطاء في عدة مجالات. وقد تشرفت بالعمل كمعلمة أولاً، ثم مشرفة تربوية وخبيرة تعليمية ومستشار إعلامي.
عملت مع وزارة الداخلية في برامج التوعية بأضرار المخدرات وخلدت في ذاكرة التاريخ منجزات حقيقية لنساء سعوديات ساهمن في نشر الوعي المجتمعي بأخطار المخدرات.
كما عملت مع أمانة المدينة المنورة في تجربة فريدة من نوعها مع المراصد الحضرية وفريق من الأمم المتحدة مع المهندس الدكتور حاتم طه – رحمه الله – ودربت الفتيات في ينبع على آلية العمل في المراصد الحضرية، وكنت المرأة الوحيدة التي تولت موقعًا قياديًا في تأسيس فريق العمل النسائي في المراصد الحضرية بينبع.
كما عملت رئيسة للجنة النسائية للتنمية السياحية وقمت بتهيئة فريق العمل النسائي لتشغيل سوق الليل في المنطقة التاريخية بينبع، وعملت مشرفة لمركز الحوار الوطني – التواصل الحضاري – بينبع، ورئيسة لجان الرصد العلمي في اللقاءات الفكرية في كل مناطق المملكة».
خاتمة
منى يوسف حمدان الغامدي… مثال للمرأة السعودية التي آمنت بقوة الحرف والعمل الميداني، فجمعت بين التعليم والإعلام والخدمة المجتمعية، وأثبتت أن الطموح إذا اقترن بالمهنية والإصرار لا يعرف المستحيل.
جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.