لماذا يتأخر وقت الفجر بعد الانقلاب الشتوي رغم طول فترة النهار؟

أوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة، المهندس ماجد أبو زاهرة، أن الانقلاب الشتوي، الذي يُعد اليوم الأطول ليلًا والأقصر نهارًا في السنة، يثير لدى كثيرين تساؤلات فلكية متكررة، أبرزها سبب عدم تقدم وقت الفجر مباشرة مع بدء ازدياد طول النهار، رغم الاعتقاد السائد بأن الأمرين يسيران بالتوازي.

وبيّن أبو زاهرة أن طول النهار يبدأ بالفعل في الازدياد فلكيًا بعد حدوث الانقلاب الشتوي، إلا أن هذه الزيادة لا تنتج في بدايتها عن تقدم شروق الشمس أو وقت الفجر، بل عن تأخر وقت غروب الشمس أولًا.

وفي المقابل، يستمر شروق الشمس، وبالتالي وقت الفجر، في التأخر لعدة أيام أو حتى أسابيع بعد الانقلاب، قبل أن يبدأ بالتقدم تدريجيًا لاحقًا، وهو ما يفسر بقاء الفجر متأخرًا رغم ازدياد ساعات النهار.

سبب فيزيائي

أشار إلى أن السبب الفيزيائي لهذه الظاهرة يعود إلى ميل محور دوران الأرض بنحو 23.5 درجة، إضافة إلى أن مدار الأرض حول الشمس ليس دائريًا تمامًا، بل إهليلجي الشكل. ويؤدي هذان العاملان معًا إلى تغير الحركة الظاهرية للشمس على مدار السنة على طول مسارها السنوي المعروف فلكيًا بـ«الدائرة البروجية»، وهي ظاهرة تُعرف باسم معادلة الزمن.

وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة أن هذه المعادلة تؤدي إلى عدم تزامن تقدم شروق الشمس وتأخر غروبها بالمعدل نفسه أو في التوقيت ذاته، ما ينتج عنه تفاوت زمني ملحوظ بين التغير في أوقات الشروق والغروب خلال فترات معينة من السنة، خاصة بعد الانقلاب الشتوي.

تغيرات واضحة

لفت أبو زاهرة إلى أن مقدار هذا التأخير وتوقيت انعكاسه يختلفان باختلاف خطوط العرض الجغرافية، حيث تشهد المناطق القريبة من خط الاستواء تغيرات طفيفة جدًا في أوقات الشروق والغروب، بينما تكون هذه التغيرات أكثر وضوحًا وأسرع كلما اتجهنا نحو العروض العليا شمالًا أو جنوبًا.

وأكد في هذا السياق أن الانكسار الجوي، رغم أنه يجعل الشمس تُرى قبل شروقها الفعلي بقليل وبعد غروبها، يُعد تأثيرًا شبه ثابت على مدار العام، ولا يفسر ظاهرة تأخر الفجر بعد الانقلاب الشتوي. كما شدد على أن العوامل الجوية مثل الغيوم أو الضباب لا تؤثر على التوقيت الفلكي للفجر أو شروق الشمس، وإنما تؤثر فقط على وضوح الرؤية.

وأضاف أن حركة القمر لا تدخل في حساب أوقات الفجر أو الشروق، إذ تعتمد هذه الحسابات حصريًا على حركة الأرض بالنسبة للشمس.

وختم رئيس الجمعية الفلكية بجدة حديثه بالإشارة إلى أن التغير في الأيام الأولى التي تلي الانقلاب الشتوي قد لا يكون ملحوظًا لدى العامة، نظرًا لأن الفارق اليومي يكون في حدود دقائق أو حتى ثوانٍ قليلة، إلا أن وقت الفجر يبدأ مع مرور الأيام بالتقدم تدريجيًا، ليغدو ازدياد طول النهار أكثر وضوحًا للراصدين والمتابعين.