كبـارنا.-حكـاية-لا-تشيخ

كبـارنا.. حكـاية لا تشيخ

6192262137

تشارك المملكة دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للمسنين الذي يصادف الأول من أكتوبر من كل عام، وهذا اليوم اُعتمدَته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1990م بحيث يكون الأول من شهر أكتوبر يوماً عالمياً للمسنين، وإيماناً من المملكة بأهمية هذه الفئة الغالية في المجتمع، فقد اعتمدت منظومة من الخدمات والرعاية الصحية الشاملة والبرامج الرعوية والتأهيلية، مجندة 12 داراً للرعاية الاجتماعية المنتشرة بمناطق المملكة الملتزمة بمسؤولياتها تجاه حقوق كبار السن في إطار جودة الحياة التي تنشدها رؤية المملكة 2030.

وتُولي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- اهتماماً بالغاً برعاية المسنين، لتحسين مستوى معايشتهم في منظومة المجتمع، وتحقيق التكاملية بين القطاعات التي تخدمهم وتعزز مكانتهم وإبراز دور هذه الشريحة التي أفنت حياتها بالعطاء والتضحية في خدمة الوطن.

وتشارك الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الجهات الحكومية والأهلية الأخرى في تفعيل هذه المناسبة بقطاعاتها كافة عبر تنفيذ العديد من الفعاليات في فروع الوزارة بمختلف مناطق المملكة، وتنفيذ برامج تخدم قطاع المسنين وبرامج وندوات توعوية وتثقيفية بحقوق المسنين موجهة لأفراد المجتمع، بالإضافة لتفعيل برنامج الزيارات المدرسية لدور الرعاية الاجتماعية وإقامة ورش عمل ودورات تدريبية.

خطوة تاريخية

واليوم الدولي للمسنّين لعام 2025، يُحتفى به تحت شعار: «كبار السن يقودون العمل المحلي والعالمي تطلّعاتُنا رفاهُنا وحقوقُنا»، ويُبرز الدور التحويلي الذي يضطلع به كبار السن في بناء مجتمعات عادلة وقادرة على الصمود، فهم ليسوا مجرد متلقّين سلبيين، بل هم قادة للتقدّم، يُسهمون بمعرفتهم وخبراتهم في مجالات مثل الإنصاف في الصحة، والرفاه المالي، وصمود المجتمع، والدفاع عن حقوق الإنسان، والإعلان السياسي وخطة مدريد الدولية للعمل بشأن الشيخوخة، اللذان اُعتُمدا في عام 2002، ولم يزالا ركيزتين أساسيتين في سياسات الشيخوخة على المستوى العالمي، إذ يعززان مفهوم مجتمع للجميع في جميع الأعمار باتباع تدابير في ميادين التنمية والصحة والبيئات الداعمة، وشعار 2025 يعكس هذه المبادئ مباشرة، إذ يقرّ بكبار السن بوصفهم محرّكين للتقدّم على المستويين المحلي والعالمي، وفي أبريل 2025، دفع مجلس حقوق الإنسان بهذه الأجندة إلى الأمام باعتماد القرار 58/13، الذي أيدته 81 دولة عضو، لإقامة فريق عمل مفتوح العضوية تُناط به مهمة إعداد صك قانوني ملزم يعزّز حماية حقوق كبار السن، وهذه الخطوة التاريخية تعبّر عن الاعتراف المتزايد بكبار السن أصحابِ حقوق وفاعلين للتغيير، وهذه التحولات «الديموغرافية» تجعل العملَ مُستعجَلاً أكثر من أي وقت مضى.

وكبار السن يشكّلون شريحة متنامية بسرعة في المجتمع، لا سيّما في البلدان النامية، والسياسات التي تمكّنهم، وتضمن لهم الوصول العادل إلى الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، وتقضي على التمييز، تُعد ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة في عالم يشهد شيخوخة سكانية، ومن خلال تضخيم أصوات كبار السن والاعتراف بإسهاماتهم، يشكّل اليوم الدولي لعام 2025 منبرًا يعبّرون فيه عن تطلّعاتهم، ويناشدون من أجل حقوقهم، ويطالبون بسياسات تصون كرامتهم ورفاههم.

محور مهم

وفي ظلّ التحولات الديموغرافية والاجتماعية التي تشهدها المملكة تشكل فئة كبار السن محورًا مهماً في السياسات التنموية والاجتماعية، ومن هذا المنطلق، تولي القيادة الرشيدة -رعاها الله- اهتمامًا متزايدًا برفاهية هذه الفئة، تأكيدًا على القيم الإسلامية والوطنية التي تحضّ على التكريم والاحترام، وضمان حقوق الإنسان لكل مرحلة من مراحل الحياة، وأظهرت أحدث التقديرات السكانية أن عدد كبار السن في المملكة -60 سنة فأكثر- بلغ عام 2025 ما بين 1.9 و2.4 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو ستة بالمئة من إجمالي السكان البالغين أكثر من 34 مليون نسمة، وتشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء وتقارير دولية إلى أن هذه الفئة العمرية تشهد نمواً متدرجاً خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لانخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط العمر المتوقع، ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، يتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في المملكة خلال العقود المقبلة، ليشكّلوا شريحة أكبر من المجتمع بحلول عام 2050، ويؤكد خبراء بأن هذا التحول «الديموغرافي» سيترتب عليه زيادة في الطلب على الخدمات الصحية طويلة الأمد، والرعاية الاجتماعية، وأنظمة التقاعد، ما يستدعي سياسات استباقية تعزز جودة الحياة لهذه الفئة وتضمن استدامة التنمية، وتشير الدراسات الصحية إلى أن غالبية كبار السن يعانون من أمراض مزمنة أو أكثر من مرض واحد، مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، وارتفاع الكوليسترول، بالإضافة إلى ارتفاع نسب السمنة وضعف النشاط البدني والعادات الغذائيّة غير المثلى.

لقد استجابت قيادتنا -رعاها الله- لهذه التحديات بإصدار تشريعات وقوانين من شأنها حماية حقوق كبار السن، ومنها نظام حماية حقوق كبار السن الذي صادقت عليه الدولة، والذي تضمّن 21 مادة لضمان الرعاية الكاملة لهم، سواء من الناحية الاجتماعية أو النفسية أو الصحية، كما صدرت ضوابط تنفيذية تعاقب من يخلّ برعاية المسنين بالحبس أو الغرامة التي قد تصل إلى 500,000 ريال سعودي، وبالإضافة إلى الجوانب التشريعية.

مبادرات استراتيجية

وأطلقت الدولة مبادرات استراتيجية تسعى لنماذج متكاملة للرعاية؛ مثل تطوير مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتوسيع مراكز الرعاية الاجتماعية، وتعزيز الخدمات الرقمية التي تُعين كبار السن على الاستقلالية والمشاركة المجتمعية، وهذا التوجيه العالي المستوى من القيادة في بلادنا يُمثل التزامًا عمليًا بتحقيق رؤية وطنية تُعنى بجودة الحياة والعدالة الاجتماعية، ويسهم في بناء مجتمع يُكرّم أفراده في جميع مراحلهم العمرية، خصوصًا أولئك الذين قدموا الكثير لتاريخ بلادنا وتكوينها، وفي إطار الرؤية الطموحة 2030، أولت القيادة الرشيدة -حفظها الله- اهتمامًا بالغًا بفئة كبار السن، إدراكًا منها لمكانتهم المرموقة في المجتمع ودورهم المحوري في نقل الخبرات والقيم للأجيال الجديدة، وقد تجسد هذا الاهتمام في صدور نظام حقوق كبير السن ورعايته الذي يضمن لهم الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية، وفي إطلاق برامج ومبادرات وطنية تُعزز جودة حياتهم وتمكّنهم من المشاركة الفاعلة في التنمية المجتمعية، ويأتي هذا التوجه انطلاقًا من المبادئ الإسلامية والإنسانية التي تؤكد على البر والإحسان لكبار السن، وترسيخًا لالتزام الدولة -رعاها الله-، بتوفير حياة كريمة وآمنة لهذه الفئة الغالية، وسبق أن صدر نظام حقوق كبير السن ورعايته 2022م، الذي يضمن حقوقهم في الرعاية الصحية، والاجتماعية، والأسرية، والنفسية، ويلزم الجهات الحكومية بتوفير الخدمات المناسبة لهم، كما سبق أن تم إطلاق مبادرات حكومية ومنها برنامج الشيخوخة الصحية التابع لوزارة الصحة، ويركز على الوقاية، الكشف المبكر، ورعاية الأمراض المزمنة لكبار السن، وكذلك مبادرة المدن الصديقة لكبار السن بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية، والتي طبّقت في عدة مدن سعودية، كما أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان تتابعان تطبيق اللوائح الخاصة بحقوق كبار السن وضمان دمجهم في المجتمع، وشملت التوجيهات من لدن حكومتنا الرشيدة تعزيز مشاركة كبار السن في الأنشطة المجتمعية، والاعتراف بخبراتهم وتجاربهم، وتشجيع الأسر على رعايتهم، ومنع أي صورة من صور الإهمال أو العنف ضدهم، والقيادة الرشيدة تولي كبار السن عناية خاصة من خلال التشريعات -مثل نظام حقوق كبار السن-، والبرامج الصحية والاجتماعية، وضمان مكانتهم في المجتمع ضمن إطار رؤية 2030.

تخصيص خطب

وحول أهمية حقوق كبار السن تحث وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، خطباء الجوامع في مختلف مناطق المملكة، بتخصيص خطب من خطب الجمعة للحديث عن حقوق كبار السن، وبيان ما أوجبه الإسلام نحوهم من توقير وإكرام واحترام، في إطار جهود الوزارة التوعوية والتوجيهية الرامية إلى تعزيز القيم الإسلامية وترسيخ معاني البر والإحسان في المجتمع، ويتضمّن التوجيه قيام الخطباء ببيان منزلة كبار السن في الإسلام، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ إجْلالِ اللهِ إكْرامَ ذي الشَّيبةِ المُسْلِمِ».

وفي هذا الإطار التقت «الرياض» خطيب جامع الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- بحي الملقا في الرياض الشيخ الدكتور عبدالسلام السليمان -عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للفتوى-، والذي قال في خطبته: إن منزلة كِبَارِ السِّنِّ فِي دِينِنَا لهم مَنزِلَةً عَلِيَّةً وَقَدْرًا رَفِيعًا، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيرَ الكَبِيرِ مِنْ إِجْلَالِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ»، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفُ شَرَفَ كَبِيرِنَا»، فَمَنْ وَقَرَ كَبِيرًا فَقَدْ عَظَمَ أَمْرَ اللَّهِ وَاتَّبَعَ سُنَّةَ رَسُولِهِ وَمَنْ أَهَانَ شَيْخًا فَقَدْ خَالَفَ هَدْيَ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، مضيفاً أن الْكَبِيرُ هُوَ مَنْ بَلَغَ سِنَّ الشَّيْخُوخَةِ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ آثَارُ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ وَمَا مِنْ بَيْتِ إِلَّا وَفِيهِ كِبَارٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَحْتَاجُونَ إِلَى رَحْمَةٍ وَرِعَايَةٍ، وهَؤُلَاءِ بَرَكَةً بُيُوتِنَا وَذُخْرُ مُجْتَمَعِنَا، تَجَارِبهُمْ كَنزٌ وَنُصْحُهُمْ ذَخِيرَةٌ وَوُجُودُهُمْ سَبَبٌ لِنُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحلُولِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُم»، ذاكراً أنه مِنْ أَجْمَلِ مَا وَرَدَ فِي تَوْقِيرِ الكِبَارِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَاتِحَا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ شَيْخا كَبِيرًا يَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَرَكْتَهُ حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ الَّذِينَ نَأْتِيهِ»، وهذا فِيهِ تَعْلِيمُ الأُمَّةِ على تَعْظِيمَ حَقِّ الكَبِيرِ وَإِجْلَالَهُ.

مسؤولية جماعية

وذكر الشيخ السليمان أن رِعَايَةَ كِبَارِ السِّنِ مَسْؤُولِيَّةٌ جَمَاعِيَّةٌ تَبْدَأُ مِنَ الْأَسْرَةِ وَتَمْتَدُّ فِي الْمُجْتَمَعِ كُلِّهِ فَالْمُجْتَمَعُ الَّذِي يُكْرِمُ كِبَارَهُ وَيَعْطِفُ عَلَى ضُعَفَائِهِ مُجْتَمَعٌ مُبَارَكٌ مَحْفُوظٌ وَقَدِ احْتَفَتْ شَرِيعَتُنَا بِحِفْظِ حَقِ الكَبِيرِ، ورِعَايَةَ الكِبَارِ وَالإِحْسَانَ إِلَيْهِمْ سَبَبْ لِنُزُولِ الرَّحْمَةِ وَبَرَكَةِ العُمْرِ، وَمِنْ آثَارِ ذَلِكَ أَنْ يُبَارِكَ اللَّهُ فِي الْأَبْنَاءِ وَالْأَزْوَاجِ وَالْأَمْوَالِ وَمَنْ أَكْرَمَ كَبِيرًا أَكْرَمَهُ اللَّهُ عِنْدَ كِبَرِهِ، وَمَنْ أَهَانَ شَيْخًا مُسْلِمًا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَنْ يُهِينُهُ، مضيفاً: «اجْعَلُوا لِلْكِبَارِ صَدْرَ المَجَالِسِ وَعَوِّدُوا أَبْنَاءَكُمْ تَوْقِيرَهُمْ وَأَكْثِرُوا لَهُم مِنَ الزِّيَارَةِ وَالتَّلَطَّفِ وَقَضَاءِ الحَاجَاتِ، وَوَفَرُوا لَهُم مَا يَلْزَمُ مِنْ سَكَنٍ وَمَأْكَلٍ وَمَلْبَسٍ وَعِنَايَةٍ صِحِيَّةٍ وَنَفْسِيَّةِ وَاجْتِمَاعِيَّةِ، فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، وَتَذَكَّرُوا أَنَّ مَنْ أَكْرَمَ شَيْخًا وَهُوَ شَابٌ أَكْرَمَهُ اللهُ عِنْدَ كِبَرِهِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الكَبِيرِ قَدْ تَكُونُ سَبَبا في فلاحه بالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».

1532648413

تقديم رعاية طبية وخدمات صحية

3123895649

جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *