جائزة-الحِرف-اليدوية-2025…-رهان-ثقافي-على-المعرفة-لحماية-التراث-واستدامته

جائزة الحِرف اليدوية 2025… رهان ثقافي على المعرفة لحماية التراث واستدامته

في ظل التحولات الثقافية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها المجتمع السعودي، تبرز الحِرف اليدوية كأحد أكثر مجالات التراث حساسية وأهمية، نظراً لارتباطها بالذاكرة الجمعية من جهة، وحاجتها إلى التطوير والتجديد من جهة أخرى.

الحِرفة لم تعد تُختزل في كونها ممارسة مهنية أو مهارة إنتاجية، بل أصبحت تمثل منظومة معرفية متكاملة تتوارثها الأجيال، وتحمل في طياتها أبعاداً اجتماعية وثقافية واقتصادية متعددة.

جائزة الحِرف اليدوية

ومع إعلان عام 2025 عاماً للحِرف اليدوية في المملكة العربية السعودية، جاءت “جائزة الحِرف اليدوية” ضمن النسخة الخامسة من مبادرة “الجوائز الثقافية الوطنية 2025” بوصفها إحدى الأدوات الداعمة للحفاظ على هذا الإرث، وتميّزت الجائزة بتوجّهها نحو تكريم الباحثين والمؤلفين المتخصصين في توثيق الحِرف ودراستها، بما يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية البعد المعرفي في استدامة هذا القطاع.

ويُعد استحداث الجائزة خطوة نوعية تعيد الحِرف اليدوية إلى منطلقها الأساسي القائم على المعرفة، حيث تنطلق الحِرفة من التوثيق والدراسة قبل أن تصل إلى المنتج النهائي.

وتشمل هذه المعرفة المخطوطات والروايات الشفوية، وسجلات الأسواق القديمة، إضافة إلى الكتب والأبحاث التي تناولت أدوات الحِرف وموادها ومراحل تطورها، وحلّلت علاقتها بالمجتمع والاقتصاد والفنون.

ومن هذا المنطلق، ركزت الجائزة على مجالات التأليف والبحث والتوثيق، لإبراز الجوانب العلمية التي غالباً ما تتوارى خلف الجماليات الظاهرة للمنتج الحِرفي.

ويعكس هذا التوجّه فهماً متنامياً بأن استمرارية الحِرف اليدوية لا تتحقق عبر الممارسة وحدها، بل تتطلب قاعدة معرفية تفسر أصولها وتوثق مساراتها التاريخية، وتوفر مرجعيات تُمكّن الأجيال القادمة من تطويرها والابتكار فيها.

وبينما يمكن تكرار المنتج، تبقى المعرفة العلمية هي الضامن الحقيقي لاستدامة الحِرفة، ومنحها قيمة تتجاوز الاستخدام لتلامس الهوية الثقافية.

قراءة التراث الحِرفي السعودي

وتأتي الجائزة ضمن سياق ثقافي أشمل يشهده عام الحِرف اليدوية 2025، الذي يهدف إلى إعادة قراءة التراث الحِرفي السعودي برؤية أكثر حداثة ووعياً. ومن خلال دعم الباحثين والمؤلفين، تسهم الجائزة في تعزيز الإنتاج المعرفي، وترسيخ مكانة الحِرف بوصفها جزءاً من منظومة الاقتصاد الإبداعي، وفتح آفاق جديدة لتطويرها والانتقال بها من الإطار التقليدي إلى آفاق صناعية أكثر تقدماً.

وتتجلى أهمية هذا المسار في تنامي الدراسات المتخصصة التي تتناول المواد الخام، وأساليب التصنيع، والتحولات التاريخية التي مرت بها الحِرف، وعلاقتها بالمجتمع المحلي والمشهد الثقافي العام.

ولا تقتصر هذه الدراسات على التوثيق، بل تمثل مرجعاً عملياً يساعد الحِرفيين والمصممين وروّاد الأعمال على تطوير منتجات معاصرة تستند إلى فهم عميق للأصول.

كما تمنح الجائزة، بصفتها منصة تكريم سنوية، زخماً معنوياً أكبر للباحثين وصنّاع المعرفة في هذا المجال، وتسهم في إبراز أعمال بحثية قد لا تحظى بالاهتمام الكافي دون هذا الدعم.

ومن شأن ذلك تشجيع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية على إدراج الحِرف اليدوية ضمن مجالات البحث العلمي، والتعامل معها كموضوع معرفي يستحق الدراسة والتطوير، لا كمجرد نشاط تقليدي.

وتنسجم أهداف “جائزة الحِرف اليدوية” مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي جعلت من التراث الثقافي أحد مرتكزات التنمية، ونظرت إليه بوصفه قيمة اقتصادية وثقافية قابلة للتطوير من خلال الابتكار والمعرفة. وبهذا، تمثل الجائزة ترجمة عملية للرؤية، تنقل الحِرف من مرحلة الحفظ إلى الاستثمار الواعي، ومن التكرار إلى التجديد المدروس.

وفي المجمل، تؤكد الجائزة أن مستقبل الحِرف اليدوية لا يُصاغ في الورش وحدها، بل يتشكل أيضاً في المراجع والمكتبات ومراكز البحث، حيث تضع المعرفة الأساس الذي تنطلق منه الحِرفة قبل أن تتجسد بين يدي الحِرفي.

جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *