من خدمة الحجاج إلى توثيق التراث.. «شيف» ينقل المطبخ الحساوي إلى أزقة جدة

دشنت هيئة فنون الطهي مبادرة «عربة الأطباق الوطنية والمناطقية» في أزقة جدة التاريخية، مقدمة تجربة استثنائية بطلها الشيف عيسى الحايك، الذي وظّف خبرته الممتدة لـ 15 عاماً في خدمة حجاج بيت الله الحرام، لينقل نكهات الأحساء والمنطقة الشرقية إلى قلب الساحل الغربي، موثقاً بذلك التنوع الغذائي للمملكة كذاكرة حية تتناقلها الأجيال.

وشكلت العربة التي استقرت بين البيوت العتيقة مشهداً مغايراً لا يقل ثراءً عن المكان ذاته، حيث أصبحت منصة تفاعلية تروي

قصص الأطباق التقليدية وتعيد تقديمها للجمهور بأسلوب يعرّف بتاريخها وقيمتها الثقافية، وكأن كل طبق رسالة مفتوحة عابرة للزمان والمكان.

وبرزت في هذه المبادرة قصة الشيف عيسى الحايك، القادم من محافظة الأحساء، الذي نجح في تحويل الأكلات التراثية إلى لوحات فنية تنطق بالهوية، مستنداً إلى مسيرة مهنية بدأت قبل 25 عاماً من مطبخ العائلة، حيث تشرب حب المكونات المحلية بين روائح التوابل وصوت النار الهادئة.

واستحضر «الحايك» خلال تواجده في «البلد» ذكرياته العميقة مع فن الطهي خلال مواسم الحج، حيث مارس هذه المهنة لسنوات طوال كخدمة إنسانية لضيوف الرحمن قبل أن يحترفها كفن، ليقدم اليوم خلاصتها في وصفات حساوية تقليدية بلمسة عصرية، مثل «العيش الحساوي» و«الهريسة».

وأكد الشيف عيسى لـ «اليوم» أن الأرض السعودية كريمة ومعطاءة، مشيراً إلى أن المملكة تمنح أبناءها كافة المقومات لصناعة أطباق تحقق الأمن الغذائي وتزرع السعادة، وهي الفلسفة التي آمن بها وجعل منها ركيزة لمسيرته في تحويل خيرات الأرض من تمور وخضروات إلى تجربة تذوق فريدة.

وتجاوزت العربة مفهوم تقديم الوجبات لتصبح جسراً ثقافياً متنقلاً، حيث عبّر «الحايك» عن سعادته برؤية الأطباق السعودية تجوب المدن لتعريف السياح والمواطنين بهذا الإرث الغني، مؤكداً أن المطبخ السعودي هو حكاية تُروى وهوية تُذاق وذاكرة لا تُنسى.