«الشهادات الاحترافية» حاجة وظيفية أم موضة مهنية؟ – #عاجل
تشهد سوق العمل السعودية تحولًا نوعيًا في السنوات الأخيرة، مع تصاعد أهمية الشهادات الاحترافية (Professional Certificates) كمؤهل أساسي للترقي الوظيفي والدخول إلى المناصب القيادية، سواء في القطاعين العام أو الخاص.
ففي الوقت الذي كانت فيه الشهادات الأكاديمية الجامعية هي المعيار التقليدي للتوظيف، أصبحت اليوم الشهادات المهنية الدولية مثل PMP وCFA وSHRM وCIPD وCPA من أبرز المتطلبات التي تحدد مستوى الكفاءة والقدرة على الأداء، وتعبّر عن الاتجاه الجديد نحو الاعتماد على الكفاءة الفعلية والمهارة العملية بدلًا من المؤهل النظري وحده.
كفاءات معترفًا بها عالميًا
وفقًا لبيانات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، فإن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الحاصلين على الشهادات الاحترافية داخل المملكة، حيث تم دعم أكثر من 20 ألف متدرب عبر برامج «دعم الشهادات المهنية الاحترافية»، التي تغطي ما يزيد على 120 شهادة معتمدة دوليًا في مجالات الإدارة، المالية، التقنية، الموارد البشرية، المحاسبة، والمشاريع.
ويأتي هذا التوجه في ظل احتدام المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي، إذ تسعى الشركات الكبرى والجهات الحكومية إلى توظيف الكفاءات التي تجمع بين التأهيل العلمي والخبرة العملية والمعرفة المعيارية، وهو ما توفره الشهادات المهنية التي تُمنح من جهات مرموقة مثل:
• معهد إدارة المشاريع الأمريكي (PMI) لشهادة PMP.
• معهد المحللين الماليين (CFA Institute) لشهادة CFA.
• جمعية المحاسبين القانونيين (AICPA) لشهادة CPA.
• جمعية إدارة الموارد البشرية (SHRM) ومعهد CIPD البريطاني.
• مايكروسوفت، وأمازون، وجوجل في المجالات التقنية والحوسبة السحابية.
استثمار في المهارة
من خلال مبادرة «دعم الشهادات المهنية الاحترافية» التي يشرف عليها صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، أصبح بإمكان العاملين في القطاعين العام والخاص الحصول على دعم مالي يصل إلى 30 ألف ريال لتغطية تكاليف التسجيل والدورات والاختبارات الخاصة بهذه الشهادات.
وقد توسّعت قائمة الشهادات المعتمدة لتشمل مجالات جديدة، مثل الأمن السيبراني، وإدارة البيانات، والذكاء الاصطناعي، والحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG)، مما يعكس توجهًا استراتيجيًا لمواءمة المهارات الوطنية مع الاقتصاد الرقمي ورؤية 2030.
وتشير بيانات «هدف» إلى أن الإقبال على الشهادات التقنية والإدارية تضاعف خلال الأعوام الثلاثة الماضية، خاصة بعد أن تبنت العديد من الجهات الحكومية اشتراط الحصول على شهادات مهنية معينة عند الترقية أو القبول في الوظائف القيادية والإشرافية، مثل شهادة إدارة المشاريع (PMP) أو المحاسبة القانونية (SOCPA) أو إدارة الموارد البشرية (SHRM-CIPD).
لماذا أصبحت متطلبًا للوظائف القيادية؟
أصبحت الشهادات المهنية تمثل معيارًا أساسيًا في التمييز بين المتقدمين للوظائف القيادية، إذ تقدم تقييمًا موضوعيًا لمستوى المعرفة التطبيقية في المجال، وتُظهر التزام صاحبها بتحديث مهاراته.
ويُلاحظ أن عددًا متزايدًا من الوزارات والهيئات السعودية بات يشترط هذه الشهادات ضمن مسارات الترقي أو كمتطلب للمناصب التنفيذية، مثل هيئة السوق المالية، والبنك المركزي السعودي، والهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، وهيئة الحكومة الرقمية، ما يجعلها أداة معيارية لقياس الجدارة الإدارية والمهنية.
الفرق بين الشهادات الأكاديمية والاحترافية
تختلف الشهادات الاحترافية عن الأكاديمية في جوهرها وأهدافها؛ فبينما تركز الجامعات على الجوانب النظرية والبحثية طويلة الأمد، تهدف الشهادات المهنية إلى تأهيل الفرد لأداء مهام محددة وفق معايير عالمية.
فمثلًا، لا تكتفي شهادة PMP بتدريس مفاهيم الإدارة، بل تُلزم حاملها بتطبيق 35 ساعة تدريبية موثقة وخبرة عملية لا تقل عن 4 آلاف ساعة في إدارة المشاريع، إضافة إلى اختبار دولي صارم.
بالتالي، فإن الحاصل على الشهادة يُثبت امتلاكه خبرة عملية موثقة ومعترفًا بها عالميًا، مما يعزز قابليته للتوظيف في أي سوق.
أسعار الشهادات
تتراوح تكاليف الشهادات الاحترافية بين 1500 و10.000 ريال سعودي، بحسب الجهة المانحة وطبيعة التخصص، حيث تعد الشهادات التقنية مثل AWS أو CompTIA أقل تكلفة، بينما تصل شهادات الإدارة المالية والمحاسبية إلى مبالغ أعلى، كـCFA وCPA التي تتجاوز أحيانًا 12 ألف ريال مع الدورات التحضيرية.
غير أن ارتفاع التكلفة يقابله عائد مهني ملموس، إذ تشير تقديرات شركات التوظيف العالمية إلى أن حاملي الشهادات الاحترافية يتقاضون رواتب أعلى بنسبة تتراوح بين 25% و45% من أقرانهم في نفس المجال دون هذه الشهادات.
موضة مهنية
رغم تزايد الإقبال على هذه الشهادات، يرى خبراء التوظيف أن بعضها تحوّل إلى «موضة مهنية» أكثر من كونه ضرورة حقيقية، خصوصًا مع دخول جهات تدريبية غير معتمدة إلى السوق تبيع دورات قصيرة تحت أسماء مشابهة لشهادات عالمية، دون اعتماد رسمي أو محتوى مهني جاد، مما يُضعف من القيمة الفعلية لحملة تلك الدورات.
ولهذا، شددت وزارة الموارد البشرية وهيئة تقويم التعليم والتدريب على ضرورة التأكد من اعتماد الجهة المانحة للشهادة دوليًا، وأن تكون مدرجة ضمن قوائم «هدف» أو جهات التصنيف الرسمية، لتفادي الوقوع في فخ التسويق الوهمي أو الممارسات التجارية التي تضر بسمعة الكفاءات الوطنية.
توسع الشهادات المهنية
من المتوقع أن يشهد العقد المقبل تضاعف عدد السعوديين الحاصلين على شهادات مهنية معتمدة دوليًا، خصوصًا في القطاعات ذات النمو المرتفع مثل التقنية المالية والطاقة المتجددة وإدارة المشاريع الكبرى.
وسيمثل هذا الاتجاه رافدًا قويًا لسوق العمل المحلي، يرفع من كفاءة الأداء ويزيد من ثقة المستثمرين في الكفاءات الوطنية، ويعزز تنافسية السعودية في المؤشرات العالمية لرأس المال البشري.
لكن في المقابل، تبقى مسؤولية التوعية والتدقيق في الاعتماد حجر الزاوية لضمان أن تبقى هذه الشهادات رمزًا للجودة والاحترافية، لا مجرد بطاقة دخول شكلية إلى الوظائف.
الجهات المانحة المعترف بها عالميًا وعدد السعوديين الحاصلين عليها:
إدارة المشاريع= PMP, CAPM= أكثر من 7.000
الموارد البشرية= SHRM, CIPD= 4,200
المحاسبة والمراجعة= SOCPA, CPA, ACCA= 6.000
التحليل المالي= CFA= 1.800
الأمن السيبراني= CISSP, CEH= 2.500 حامل
5 حقائق عن الشهادات الاحترافية في سوق العمل السعودي
1- أكثر من 20 ألف سعودي
حصلوا على دعم صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) للحصول على شهادات مهنية معترف بها دوليًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
2- دعم يصل إلى 30 ألف ريال
لكل متدرب لتغطية تكاليف التدريب والاختبارات للشهادات المعتمدة مثل PMP وCFA وSHRM وCPA وCIPD وغيرها.
3- أكثر من 120 شهادة معترف بها
ضمن برنامج «دعم الشهادات المهنية الاحترافية»، تغطي مجالات الإدارة، المالية، التقنية، والموارد البشرية.
4- متوسط العائد الوظيفي:
حاملو الشهادات الاحترافية يتقاضون رواتب أعلى بنسبة 25% إلى 45% من نظرائهم دون هذه المؤهلات.
5- السعودية بين الدول المتقدمة مهنيًا:
تقدمت المملكة إلى المرتبة 33 عالميًا في مؤشر كفاءة سوق العمل وضمن الـ20 الأوائل في مؤشرات التعليم المهني والتدريب وفق تقرير التنافسية العالمي 2024.
جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.
