“الرياض-للفلسفة”-يعيد-قراءة-التفاعل-بين-الشرق-والغرب-ويُقيّم-أدب-الطفل

“الرياض للفلسفة” يعيد قراءة التفاعل بين الشرق والغرب ويُقيّم أدب الطفل

شهد مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار“الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة”، انعقاد عدد من الجلسات الحوارية التي قدّمت طيفًا واسعًا من المقاربات الفلسفية.

في الجلسة الأولى، التي حملت عنوان “التفاعلات الفلسفية بين الشرق والغرب في العصور الحديثة”، شارك كلٌّ من الدكتور وليد الزامل، والدكتور ياسر الغامدي، والدكتورة أماني الزعيبي، وأدارها الأستاذ طريف السليطي، حيث استعرض المتحدثون ملامح التفاعل الفكري بين الحضارات.

وأكدوا أن الفلسفة نتاج تبادل مستمر تشكّلت روافده عبر الترجمة، والفنون، والمسرح، والسينما، وقراءات متعددة لتاريخ الفكر من منظور جغرافي يتجاوز مركزية السرد التقليدي.

وتحدث الدكتور وليد الزامل عن التحول الحضري وفكرة“المدن العالمية”، مشيرًا إلى أن قدرتها على جذب النخب والشركات العابرة للقارات تمثل بعدًا اقتصاديًا وثقافيًا مهمًا، لكنها تخلق في المقابل تحديات اجتماعية تبرز في“المدينة المزدوجة”، نتيجة اختلاف القدرة على الاندماج في اقتصاد العولمة. ودعا إلى سياسات حضرية عادلة توازن بين الانفتاح العالمي وحماية الهوية المحلية لتجنب التهميش وانتشار المناطق العشوائية.

مفهوم “الجيوفلسفة”

وتطرقت الجلسة إلى مفهوم “الجيوفلسفة” في طرح دولوز وغواتاري، الذي يعيد تأصيل نشأة الفلسفة في سياق جغرافي وثقافي ديناميكي متنوع، لا يتقيد بإطار التاريخ الصارم. وأوضح المشاركون أن البيئة الإغريقية القديمة، بتداخلاتها التجارية والثقافية، شكّلت فضاءً مناسبًا لظهور الفلسفة، ضمن رؤية واسعة تنقل الفكر من المركزية إلى التعددية.

وفي محور آخر، ناقشت الجلسة مفهوم“الاستشراق التشاركي”عبر نموذج غوته في“الديوان الشرقي الغربي”، بوصفه تجربة تقوم على الاحترام المتبادل والانفتاح الروحي تجاه الشرق، مستلهمةً الشعر الفارسي والنص القرآني، مع تناول الجدل بين مقاربة إدوارد سعيد النقدية ومقاربات أخرى ترى في تجربة غوته نموذجًا تجاوز الهيمنة لصالح الحوار الثقافي.

واختتمت الجلسة بالتأكيد على أن إعادة قراءة تاريخ التفاعلات الفلسفية بين الشرق والغرب تمثل مدخلًا لفهم الحاضر وبناء رؤى فكرية جديدة تدعم الحوار الحضاري وتعزز جسور المعرفة.

وفي الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان“أدب الطفل والفلسفة والبيداغوجيا بين الشرق والغرب”، وقدّمتها الأستاذة داليا تونسي، تم تسليط الضوء على موقع القصة المصوّرة بوصفها فضاءً معرفيًا متداخلًا يجمع بين النقد الفلسفي للطفولة، ونظريات التربية النفسية، وتحولات البيداغوجيا الحديثة، إضافة إلى بعدها الأدبي والفلسفي.

وبيّنت تونسي أن القصص المصوّرة تشكّل مسارًا معرفيًا يتقاطع فيه نقد مفهوم الطفولة كما تطرحه أعمال بيرنر وكيندي، مع نقاشات تربوية حول السلطة والتمكين وأزمة التوجيه داخل البيت والمدرسة، إضافة إلى قدرتها على توليد الحيرة والمفارقة والتساؤل الأخلاقي، بعيدًا عن الوعظ أو التعليم المباشر.

وأضافت أن التحدي الحقيقي لا يكمن في الطفل القارئ، بل في قراءة البالغ للنصوص، خاصة تلك التي لا تقدّم إجابات جاهزة، ما يثير قلق الراشدين الذين يفترض في أدوارهم التربوية الحسم واليقين.

وقدّمت مثالًا بقصة “ليس الآن يا برنارد”، التي تكشف اضطراب عالم الراشدين أكثر مما تكشف اضطراب عالم الطفل، مما يجعلها مربكة تربويًا رغم قيمتها الفكرية.

أسئلة الأطفال الفلسفية

وتطرقت الجلسة إلى نقد الاعتقاد بأن حذف الموضوعات الحساسة يخلق تجربة تعليمية أكثر أمانًا، مؤكدةً أن الطفل سيواصل طرح الأسئلة حول الموت والخوف والغضب والجسد في أي سياق، وأن إقصاء تلك القضايا يرحّلها إلى فضاءات غير مهيأة تربويًا.

كما عرضت نموذج الفيلسوف ماثيو لبمن في بناء النص الفلسفي للطفل، الذي يوظف“الإيضاح السردي”لدمج البرهنة بالحكاية، بما يعزز التفكير النقدي دون الوقوع في التجريد أو الوعظ.

واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن القصص المصوّرة ليست مجرد وسيلة تعليمية، بل فضاء فلسفي يسمح للطفل بطرح الأسئلة الجوهرية، وإدراك التناقضات، وتكوين حس تأملي يساعده على بناء عالمه المعرفي بعيدًا عن اليقينيات المسبقة.

جدة 24 ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *